السؤال :
أحب مشاهدة البرامج الدينية و الثقافية و بعض المسابقات الترفيهية و لكن في
أثناء عرض هذه البرامج تكون هناك بعض مقاطع الموسيقى التصويرية فما حكم
سماعها ؟
و إذا اضطررتُ إلى سماع بعض الموسيقى ( و ليس الأغاني ) كالتي تُعزَف في
السلام الوطني في المدرسة ، أو أثناء مروري أمام تلفاز ، أو عند رنين الهاتف
المتحرّك فما حكم هذا كلّه ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
إنّ ما ذكره السائل ليسَ سواءً في الحُكم ، فإذا فُرِض وُجود برنامج دينيٍ أو
سياسيٍ أو علميٍ خال من المحرّمات تماماً ( و منها الموسيقى و صور النساء
السافرات و غير ذلك ) فلا بأسَ في مشاهَدَته .
هذا مع صعوبة ، بل نُدرة وجود برامج تخلو تماماً من المحرّمات ، و إن كان
المنكر في بعضها أخفّ ممّا هو عليه في البعض الآخر .
أمّا برامج المسابقات فلم يُروَ لي أن شيئاً منها يخلو من المحذور ، و لا
أظنّه يخلو منه سواءً كان من الموسيقى أو غيرها .
و الموسيقى محرّمة على ما ذَهَب إليه جمهور العلماء ( و منهم أئمّة المذاهب
الأربعة ) على ما هو مقرّر في كتبهم ، و أدلةُ التحريم أشهر من أن يُذكّر بها
في عُجالة .
أما ما ذكره الأخ السائل من الاضطرار إلى سماع بعض الأنغام الموسيقيّة بدون
قصد ، فليس عليه إثمٌ في ذلك ، لأنّ الأمور بمقاصدها كما هو مقرر في القواعد
الفقهيّة ، و قد فرّق العلماء بين :
• السماع :
و هو ما لا يقصد من وقع فيه الإصغاء إلى المعازف ، و لكن أنغامها تصل إلى
سمعه بدون إرادته ، كما لو سمِع شيئاً منها أثناء مروره بمكان عام ، أو ركوبه
في وسيلة نقلٍ عامّة ، أو نحو ذلك .
• و الاستماع :
و هو الإصغاء إلى المعازف بنيّةِ الطرب أو الإثارة أو الشعور بالنشوة أو نحو
ذلك ، عن قصدٍ و إرادةٍ إلى الفِعل ، و هذا هو المحرّم الذي تضافرت الأدلة في
ذمّه و النهي عنه .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله ( و أما من سمع ما يناسبه بغير قصد فلا
بأس ، فإن النهي إنما يتوجه إلى الاستماع دون السماع ، و لهذا لو مر الرجل
بقوم يتكلمون بكلام محرم لم يجب عليه سد أذنيه ، لكن ليس له أن يستمع من غير
حاجة ، و لهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه و سلم ابن عمر بسد أذنيه لما سمع
زُمَّارة الراعي لأنه لم يكن مستمعاً بل سامعاً ) [ مجموع الفتاوى : 11 / 630
] .
هذا ، و بالله التوفيق .