السؤال :
نطرح على فظيلتكم حالة خاصة راجين منكم توضيح الحكم الشرعي فيها هل هي حلال
أم حرام ؟ وهل يجوز ممارستها ؟ أو حراما يجب الإقلاع عنها ؟ وهي كما يلي :
لي ولد يبلغ من العمر 12 سنة و نصف منذ حوالي سنة ظهر عليه ما يلي :
إذا سمع القرآن يقرأ أو هو كان يقرأه و أغمض عيناه يبدأ رؤية أشياء لأماكن أو
لأشخاص إذا كان في أي منها أمور شيطانية ( سحر منها ) موجودة في مكان أو
الشخص وضع له سحر يعرف بوجوده ويبطل مفعوله ، هذا من جهة .
و من جهة ثانية معالجة الأمراض بالنسبة للأشخاص مثل, آلام العظام من الجسد ,
العجز الجنسي , الصلح بين زوجين , و زواج بعض اللواتي لم يتزوجن ......إلخ .
و يقوم بمعالجة ما سبق ذكره بالرقي بواسطة الزيت أو الماء المرقى عليه مع
العلم أنه لا يطلب مقابل محدد و إنما يقبض ما يمنح له تلقائيا .
كما أحيط فظيلتكم علما أنه بعد ظهور هذا الأمر عليه اتصلت ببعض الأئمة و
الذين يمارسون الرقى من حفظة القرآن الكريم لاستفسارهم في الأمر و بعد
معاينتهم له و جلوسهم معه أكدوا مايلي :
عدم مسه من طرف الجن .
عدم تعامله مع الشياطين .
كما إن أحد الأئمة قال عنه ما يلي : إن هذه الحالة إلهام من الله عز وجل بها
له , أو هي موهبة منذ الولادة في العلاج النفسي .
فلما سبق بقيت حائرا , الرجاء منكم الإجابة على عن استفساري , شرعا , هل تحل
ممارستها , أم هي حرام يجب الامتناع عنها ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
إن ما ذكرتَه من حالة ولدك لا يُحسن تقييمها من لم يعاينها منه مباشرةً ، و
لا يمكننا إعطاء حكم تفصيليٍ فيها ، و لكن إذا ثبت أنّه لا يتعامل مع الجن ،
و لا يستعين بهم ، و لا يتجاوز في رقيته للمرضى ما أجازه الشارع من الكتاب و
السنّة فلا بأس في ذلك إن شاء الله ، و إن أُُُعطيَ على ذلك أجراً جاز له
أخذه ، فقد روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ
نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الْمَاءِ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلا
لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ
بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ فَبَرَأَ فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى
أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ
أَجْرًا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ
أَجْراً كِتَابُ اللَّهِ ) .
و روى الشيخان و أبو داود و الترمذي و أحمد عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ
- رضى الله عنه - أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه
وسلم أَتَوْا عَلَى حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ ،
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا هَلْ
مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ فَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا ،
وَلاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً . فَجَعَلُوا لَهُمْ
قَطِيعاً مِنَ الشَّاءِ ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ،
وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ ، وَيَتْفِلُ ، فَبَرَأَ ، فَأَتَوْا بِالشَّاءِ ،
فَقَالُوا لاَ نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم
فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ « وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ،
خُذُوهَا ، وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ » .
و لكن إذا اعتقد الناس في ذلك الصبي شيئاً من الولاية أو الإلهام ( كما نسبتم
إلى أحد المشائخ ) فالأولى الكف عن العلاج كي لا يُفتن الناس في عقائدهم ، و
يتعلّقوا في الخَلقِ بدَل الخالق ، ظناً منهم أنّه يضر أو ينفع من تلقاء نفسه
.
كما يجب الحذر من المبالغة في هذا الأمر ، و نسبة أمور لم تحدث إلى ذلك الصبي
، أو المبالغة عند رواية ما حَدَث .
فإذا انتفت هذه الموانع كلّها جاز له أن يَرقي ، و إن مُنح أجراً على ذلك ، و
لكن لا يتّخذها مهنةً ينصرف إليها أو يتفرّغ لها بالكلّيّة ، لأنّ هذا مخالف
لهدي السلف الصالح رضوان الله عليهم ، و لو كان خيراً لسبقونا إليه .
و الله تعالى أجلّ و أعلم و أحكم .